مكانة السعودية- وسيط سلام ونهضة شاملة بشباب مخلص

المؤلف: فهد إبراهيم الدغيثر09.28.2025
مكانة السعودية- وسيط سلام ونهضة شاملة بشباب مخلص

لم يكن أحد ليصدق أن الرياض ستتحول إلى ساحة حوار لإنهاء الصراعات بين أطراف أوروبية متنازعة، صراعات قد تتفاقم لتشعل حربًا عالمية ثالثة لو تخلت أمريكا عن دورها. هذه الأيام، تشهد عاصمة المملكة اجتماعات مكثفة بين الأطراف المتنازعة سعيًا لوضع حد لهذه الحرب المستعرة. وعلى الصعيد الإقليمي، وبعد الدعم السخي لسوريا "الجديدة" ولبنان "المستقل"، يلتقي وزيرا الدفاع اللبناني والسوري في جدة للتباحث حول تعزيز أمن الحدود المشتركة ومنع التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية لكلا البلدين. وفي الخرطوم الحبيبة، نتابع باهتمام بالغ الجهود السعودية الحثيثة لنشر السلام بين الأطراف المتحاربة هناك، حقنًا للدماء وحفاظًا على مقدرات الشعب السوداني. أما في اليمن، فتتواصل المبادرات الإنسانية السعودية لتقديم العون والمساعدة للأشقاء اليمنيين لتجاوز التحديات الاقتصادية الصعبة ومكافحة عمليات النهب والابتزاز التي تعرقل مسيرة التنمية. وعلى الصعيد الداخلي، من كان يتصور أن ينخفض معدل البطالة في المملكة إلى أقل من ٤٪؜ بهذه السرعة المذهلة؟ ومن كان يتخيل أن يستقبل المسجد الحرام في مكة المكرمة ما يقارب ثلاثة ملايين معتمر ومصل في ليلة واحدة، في أجواء من الأمن والطمأنينة؟ ومن كان يتوقع أن يحافظ الإعلام السعودي، بكل قنواته المقروءة والمسموعة والمرئية، على مكانته الريادية وتأثيره القوي منذ ثمانينيات القرن الماضي، رغم المنافسة الشديدة من كل حدب وصوب؟ أو أن يتم إنشاء شركات طيران جديدة قادرة على تجاوز التحديات التي واجهت الخطوط السعودية لعقود طويلة، والتي عجزت خلالها عن تحقيق المنافسة الإقليمية المنشودة؟ أو أن يتم تشغيل أضخم وأحدث نظام مترو آلي في العالم؟ أو أن تفوز المملكة بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم؟ أو أن يرتفع عدد مشجعي الرياضة السعودية إلى مئات الملايين حول العالم؟ أو تلك المشاركة الفعالة للمرأة السعودية في شتى المجالات؟ أو تلك الحفلات الغنائية الشرقية التي تقام في قلب مدن المملكة، احتفاءً بروائع الموسيقى العربية لكبار الملحنين أمثال السنباطي وعبد الوهاب والموجي وسيد مكاوي وبليغ حمدي؟ يمكنني الاستمرار في سرد الإنجازات المتلاحقة التي تتحقق كل يوم في المجالات الطبية والعلمية والتعليمية والتطوعية، بالإضافة إلى الحكومة الذكية التي أبهرت العالم، وعضوية المملكة الفاعلة في مجموعة العشرين، ولكنني سأعود إلى النقطة التي بدأت بها. إن اختيار المملكة العربية السعودية كوسيط في محادثات السلام بين أوكرانيا وروسيا ليس مجرد صفقة تجارية أو مسألة مالية، بل هو تعبير عالمي عن الثقة المطلقة في الدولة المضيفة ومكانتها الدولية الرفيعة. إنه تقدير دولي كبير لقيادة المملكة وحياديتها. فكم من دول وحكومات تملك موارد مالية وطبيعية مماثلة، لكنها تفتقر إلى المصداقية والثقة. إن اختيار المملكة كأول محطة يزورها القادة الجدد هو دليل آخر على هذه المكانة المتميزة. لقد زارنا الرئيس ترامب والشرع وعون والبرهان، وسيأتي غيرهم. هذا، في رأيي، هو الداعم الأقوى للنهضة الاقتصادية والتنموية التي تشهدها المملكة. وفي الوقت نفسه، هي القوة الناعمة المؤثرة التي تتجسد نتائجها وقيمتها في تحقيق أهداف رؤية المملكة داخل وجدان شعوب المنطقة، بل وشعوب أخرى بعيدة. وكأن لسان حال العالم العربي يقول: إذا كان السعوديون قادرين على تحقيق هذه الإنجازات والوصول إلى هذه المكانة الدولية المرموقة بهذه السرعة، ويتمتعون بهذه الثقة على مستوى العالم، فلم لا نقتدي بهم أو ننافسهم؟ ومما يبعث على الفخر والاعتزاز أن هذه النهضة الشاملة والبناء ينجزها شباب سعودي مخلص، تفوق على كل التوقعات وتجاوز الزمن المحدد لتحقيق هذا التحول الهائل. ويزيدنا فخرًا أن هؤلاء الشباب والشابات حافظوا على قيمهم النبيلة ومبادئهم الأصيلة، وتمسكوا بعادات وتقاليد الآباء والأجداد في الكرم والجود والنخوة. بمعنى أنهم لم يتخلوا عن هويتهم، ولم ينسلخوا عن ثقافتهم وتقاليدهم الأصيلة، ولم ينشغلوا بالرد على المشككين والمنتقدين والدخول معهم في جدالات عقيمة ومضيعة للوقت. كنا نسمع تعليقات تنتقص من دول الخليج، وتصفها بأنها "نهضة أسمنتية" عندما يتم استعراض الأبراج وناطحات السحاب كدليل على التقدم والتطور. أما اليوم، ففي المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، أصبحت القصص مختلفة ومثيرة. قصص تستحق الدراسة والتوثيق، ثم تحويلها إلى أعمال درامية جادة وواقعية، بعيدة عن المبالغة والتزييف. وقد وصف بعض المفكرين في الغرب النهضة السعودية بأنها الأضخم والأكثر أهمية على مستوى العالم في العقود الستة التي تلت الحرب العالمية الثانية. وفي قائمة الطموحات، نحن في بداية الطريق، والقادم أجمل وأكثر إشراقًا. كل عام وقيادتنا الرشيدة وشعبنا الطموح بألف خير.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة